خلال الحمل الأول تنشغل الأم بإعداد جسمها للتغيرات الجديدة، فتقرأ عن الرضاعة، وتتسأل عن كيفية التعامل مع عدم انتظام أوقات النوم، وبالتأكيد عن كيفية تغيير الحفاضات .

أما في المرة الثانية، فلا تنشغل الأم بمثل هذه الأمور لأنها أصبحت خبرات مكتسبة، وتركز على أمرين أساسيين: أحدهما هو كيف ستتعامل مع طفلين بأعمار واحتياجات مختلفة في نفس الوقت. والآخر هو رد فعل الطفل الأكبر سناً تجاه الإضافة الجديدة إلى العائلة. ومن الأمور الشائعة أيضاً قلق الأم حول مدى قدرتها على حب طفل آخر بنفس القدر. أو شعرها بالذنب في ألا تحب طفلها الثاني، وكأنها تخدع طفلها الأول.

 إذن، فمتى ستفصحين عن الأخبار السعيدة؟ وكيف؟

 

نصيحتي إليك الانتظار من ثلاثة إلى أربعة أشهر على الأقل إلى أن يؤكد طبيبك أن حملك مستقر وصحي. لا داعي للتسرع في إخبار طفلك وتعريضه للإحباط في حالة عدم استمرار هذا الحمل. ومن الأفضل الانتظار حتى يتم تحديد نوع الطفل في حدود الشهر الخامس من الحمل تقريباً.

اشتري بعض الكتب التي توضح كيف ينام الطفل ويتغذى في بطن أمه. احكي لطفلك الأول كيف كان بالداخل وظل يكبر إلى أن حان الوقت لخروجه. اعرضي على طفلك صوره وهو رضيع وصفي له ما كنت تفعلي معه مثل حمله بين ذراعيك، وإرضاعه، وتغير الحفاضة، وغنائك له إلى أن ينام. يجب تمثيل هذه السيناريوهات باستخدام العرائس، أو الدببة أو بالطفل نفسه. تسمى هذه اللعبة "لعبة الرضيع" والتي قد يحتاجها الطفل لاحقاً مع وصول الرضيع.

تساعد هذه اللعبة الطفل على توقع ما سيحدث من بكاء الرضيع، وحمل الأم لطفل آخر وإعطاء صدرها لمخلوق صغير يبكي، وتغير الحفاضة  غير النظيفة.

كما ستوضح أن وجود أخ أو أخت لا يعني وجود صديق للعب في الحال، وذلك لأن كثير من الآباء يذكرون ذلك ضمنياَ عند إبلاغ طفلهم بأنه في انتظار أخ أو أخت.

 

كوني مبادرة

قبل أن تخبري طفلك بأنه في انتظار أخ أو أخت، فكري فيما تحتاجين للقيام به مع طفلك الأول قبل وصول الطفل الثاني. على سبيل المثال، إذا كانت لديك النية لأن يبدأ طفلك الذهاب إلى الحضانة أو الاستغناء عن الحفاضات، فلا بد أن تقومي بذلك قبل إعلان الحمل أو بعد الولادة بعدة شهور. وينطبق ذلك على أي تغيير كبير أو رئيسي في حياة أسرتك، مثل الانتقال إلى منزل جديد أو تغيير سرير طفلك.

كما أنه لا ينصح في أن يمر طفلك بأكثر من تغيير رئيسي في حياته في نفس الوقت.

كما يجب أن تكوني مبادرة في التعرف على ما سيحدث في يوم الولادة والأيام القليلة التي تليه والتي لا تستطيع فيها الأم العناية بطفلها الأول.

أنصح بعدم حضور الطفل عملية الولادة وذلك لحمايته من أن يرى أمه وهي تتألم والذي قد يفسره بأن "الطفل قد أذى أمي"

للقيام بذلك يجب أن يتعود الطفل على المبيت في بيت جدته أو خالته أو شخص موثوق فيه. ومن ثم يجب ممارسة ذلك بانتظام خلال شهور الحمل. بهذه الطريقة، سيقضي الطفل ليلة الولادة وما بعدها بسهولة وسلاسة إلى أن تتعافى الأم من الجزء الصعب، بعدها يستطيع الأب اصطحاب الطفل وإبلاغه بوصول الطفل وتشجيعه على الاحتفال بهذه المناسبة بشراء هديتن، الأولى للطفل نفسه لتأكيد على فكرة أنه حدث يجب الاحتفال به، أما الثانية فهي للأخ أو الأخت لحث الطفل على تعاطفه معه.

أنا تماما ضد إخبار الطفل بأن أخوه أو أخته قد أحضر له هدية. أولاً، لأنه لا يصح الكذب على الطفل بأي شكل من الأشكال. ثانياَ، لأن الطفل ذكي بما يكفي ليتساءل كيف لهذا المخلوق الضعيف أن يحضر لي هدية؟ الأمر الذي يفسر لماذا تظهر علامات الارتباك على الأطفال عند أخبارهم بأن طفل رضيع قد أحضر لهم هدية!!

من العادات المصرية ذهاب الأم إلى منزل والدتها لقضاء بعض الأسابيع حتى تتلقى العناية والمساعدة التي تحتاج إليها. قد يكون ذلك في الولادة الأولى أمر طبيعي، لكن لا ينصح بذلك على الإطلاق في الولادة الثانية مع وجود طفل أكبر. ففي هذا الوقت يكون الطفل الأول في حاجة ماسه إلى استقرار نظام حياته اليومي، بمعنى أنه في حاجة إلى النوم في حجرته، واللعب بألعابه الفضلة، والذهاب بانتظام إلى الحضانة أو المدرسة. أما إذا قمت بتغيير حياته بالكامل رأساً على عقب، فبالتأكيد سيكون له تأثير سيئ. لذا فمن الأفضل أن تطلبي المساعدة في منزلك.

 

اصطحاب الرضيع إلى المنزل

 يا له من يوم جميل عندما تصل الأسرة بوليدها الجديد من المستشفى إلى المنزل، ولكن انتبهي فإذا كان طفلك الأول معتاد على مسكك ليده أثناء صعود السلم، فعليك القيام بذلك. ويقوم أحد أفراد الأسرة بحمل كرسي الرضيع وإن لم يتوافر ذلك فيحمله الأب. وفي الحالات التي يعتاد فيها الأب حمل الطفل الأول فيجب ألا يحل الرضيع مكانه.

 

قضاء الوقت مع طفلك

تتجه بعض الأمهات إلى زيادة أوقات اللعب مع طفلها الأول قبل الولادة مباشرة، معتقدة أن ذلك سيعوض الطفل عن عدم اللعب معه لأسابيع بعد الولادة. نصيحتي لك هي تخصيص وقت للعب مع طفلك أثناء فترة الحمل بحيث تستطيع الإبقاء عليه مع وصول عضو الأسرة الجديد.

اختاري الوقت والأنشطة التي تستطيعين الاستمرار فيها في جدولك الجديد الذي يشمل رضيع يبكي وليالي بلا نوم. من الأمور الهامة التي يجب أن تحرصي عليها اختيار أنشطة للعب تضم التواصل بالعين، والعواطف والحنان والحب. خلال هذا الوقت تجنبي التشتت عن طريق التلفزيون أو المكالمات التليفونية على سبيل المثال. يجب أن تكرسي هذا الوقت بالكامل لطفلك فقط.

 

الضيوف

في هذا الوقت يبدأ أقاربك، وأصدقائك، وجيرانك في التردد عليك للتهنئة بالمولود الجديد. غير أن طفلك الأول لا يرى سوى اهتمام هؤلاء الناس بالطفل الجديد، ونسيانهم لهذا الطفل الذي يراقب ردود أفعالهم، وتعبيرات وجوههم، والهدايا، والابتسامات التي لا توجه إليه. في بعض الأحيان يزداد الوضع سوءاً عندما يخبر الضيوف الطفل الأول بأن هذا الرضيع يبكي طوال الوقت ولا يستطيع التحدث أو القيام بأي من المهارات التي يقوم بها الأخ الأكبر. هذا يعني تلقائياً بالنسبة للطفل أنه أفضل من شقيقه، وفي كثير من الحالات يصحب هذه الكلمات تعبيرات بالوجه تعطي انطباعاً بالاستياء من الرضيع والتعاطف مع الطفل الأول مما يجعله يشعر أن هذا الرضيع شيء سيء. ومن هنا يبدأ الطفل في ضرب الرضيع، لما يعتقده.

 

كيفية التعامل مع الموقف

 

الآن وقد استقرت الأسرة في المنزل، يقوم الطفل الأكبر بممارسة أنشطته اليومية المعتادة مع وجود تغير واحد وهو الإضافة الجديدة إلى الأسرة، وهي إضافة صاخبة البكاء الذي يغير على الأقل من الأصوات المسموعة في المنزل. وإليك بعض النصائح التي تهدئ من حدة الموقف وتساعد على مشاركة طفلك مع أخيه الجديد.

 

  • ارضي غريزة الفضول لدى طفلك فيما يخص المولود الجديد، بالإجابة عن أسئلته وتعريفه باحتياجات الرضيع وأيضاً تشجيعه على تحديد مشاعره والتعبير عنها. وإذا كان الطفل لا يزال غير قادر على تحديد مشاعره، يمكن أن يخصص الوالدين لعبة معينة لهذا الغرض مثل مساعدة الطفل في فهم المشاعر الثلاثة: الفرح، الحزن والغضب.
  • امنح طفلك الفرصة لمساعدة الرضيع، مثل إحضار الحفاضات، المساعدة في التنظيف شريطة أن يكون دائماً تحت إشرافك مع الحرص على عدم الإفراط في ذلك. كذلك تجنبي تكرار أنه هو طفلك الكبير والرضيع هو الصغير لأن هذا يعطي إيحاء بأنه أعلى مقاماً مقارنتاً بالصغير.
  •  "لعبة الرضيع" التي سبقت الإشارة إليها ستلبي احتياج طفلك إلى التدليل وتطمئنه أن أمي لازالت تحبني بنفس القدر. كما تمنع التدهور في أي مهارات قد اكتسبها، وهذا الأمر شائعاً جداً للحصول على نفس القدر من الاهتمام الذي يحصل عليه الطفل.
  • كوني حريصة على الوقت الخاص الذي تقضيه مع طفلك بمفردكما، فلا تقصريه أو تنسيه ويحل محله أفلام الكرتون أو أي أنشطة أخرى لا تلبي احتياجاته.
  • قومي بتدريب طفلك على التربيت على يد الرضيع أو قدمه برقة. ويمكن التدريب على ذلك باستخدام عروسة أثناء جلسات اللعب التمثيلي قبل الولادة. وبهذه الطريقة يمكن تجنب أي أعمال عنيفة غير مقصودة تجاه الرضيع.

 

نتمنى أن تجتاز الأسرة تجربة الطفل الثاني بسلاسة ولطف، ويقل تأثير الأخ الجديد وتزداد الرابطة الأسرية بطريقة صحية.

 

كتبتها: د. منى يسري

أخصائي طب نفسي الأطفال واستشاري الأسرة ومؤسسة حضانةCLC